Четверг 18 апреля 2024 г.
Фаджр
02:31
Восход
05:20
Зухр
12:41
Аср
17:31
Магриб
19:54
Иша
22:06
Вконтакте Одноклассники Youtube
Построим мечеть вместе!

Календарь событий

سُجُودُ تِلاوةِ القُرآنِ الكريمِ

 سُجُودُ تِلاوةِ القُرآنِ الكريمِ

دراسة في فقه العبادات المقارَن

بقلم

أ.د عبدالرزاق عبدالرحمن السعدي

أستاذ الدراسات العليا في أكاديمية بلغار الإسلامية في تتارستان

وجامعة العلوم الإسلامية العالمية في الأردن

والجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا

ملخص البحث:

القرآن الكريم كتاب الله تعالى المجيد، أنزله الله وحيا على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فهو خاتم الكتب السماوية نزل على خاتم الأنبياء والرسل، وقد حملت آياتُ القرآن الكريم منهجا كاملا للبشرية جمعاء، ونظمتْ شؤون الإنسان - ذكرا كان أو انثى - في قضاياه العبادية والاقصادية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية والأحوال الشخصية وغير ذلك، ومن آيات القرآن العبادية آياتٌ ينبغي السجود لله رب العالمين عند قراءتها، طاعة للرحمن، وإغاضة للشيطان الذي أمره الله بالسجود لآدم فأبى أن يسجد، وأطلق على هذا السجود بأنه:(سجود التلاوة) وهو سجود مستقل غير مرتبط بالصلاة المعروفة لدى المسلمين، ومن هنا جاء الفقه الإسلامي ليبين أحكام هذا السجود بالتفصيل متسندا إلى الصحيح من الأحاديث النبوية التي تبين بدقة فعل النبي صلى الله عليه وسلم وكيفية سجوده ويبين شروطه وأركانه وسننه وأذكاره وما فيه من أحكام أخرى. وهذا ما يُعنى به هذا البحث بتفصيل معتمداعلى أمهات مصادر التفسير والحديث والفقه الإسلامي، والله الموفق.

الكلمات الدالة: سجود ، تلاوة – أحكام - شروط – أركان.

تعريف السجود:

أ - في اللغة: السجود مصدرٌ، فعله سَجَدَ يَسْجُدُ سُجوداً، على وزن خَرَجَ يخرُجُ خُرُوجاً، من الثلاثي المجرد، أي: خضع وتذلل، يقال: سجد الرجلُ أي: طأطأ رأسهُ وانحنى، وسجد البعيرُ أي: طأطأ رأسه ليُركَبَ فوقه، وسجد المصلي أي: وضع جبهته بالأرض عبادة لله تعالى، ويقال: الرجلُ ساجدٌ، والمرأة ساجدةُ، والقومُ سُجَّدٌ، وسُجُودٌ، قال الله تعالى عن نبي الله يوسف: (ورَفَعَ أَبَويهِ عَلَى العَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) يوسف:100، أي: سجدوا سجودَ تعظيم لا سجودَ عبادة، وقيل: إن اللام في (له) للتعليل والضمير يعود إلى الله تعالى أي: خروا من أجل يوسف سُجداً للهِ شكرا لما أنعم الله عليهم حيث جمع شملهم، وتاب عليهم، وغفر ذنبهم، ومنه المسجد – بفتح الجيم وكسرها – وهو المكان الذي يُسجَدُ فيه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِداً وطَهُرا)، ويجمع على مساجد، قال الله تعالى: (ومن أظلم ممن منعَ مساجدَ اللهِ أنْ يُذكرَ فيها اسمهُ) البقرة: وقال تعالى: (وأَنَّ المساجدَ لله فلا تدعوا مع اللهِ أحدا) الجن: 18.([1])

ب - في الاصطلاح: السجود في الفقه الإسلامي هو أن يضع الإنسانُ على الأرضِ الجبهة والأنف واليدين والركبتين وأصابع القدمين، وهو ركن من أركان الصلاة([2])، فقد روى عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أُمرتُ أن أسجد على سبعة أعظُمٍ: على الجبهة وأشار بيده على أنفه، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين، ولا نكفتُ الثياب والشعر) متفق عليه، وفي رواية للبخاري: (أمرنا)([3]).

تعريف التلاوة:

أ - في اللغة: التلاوةُ مَصدرٌ فعلُه تَلَا يتلُو تِلاوةً، أي: قرأَ يقرأُ قِراءةً، ويُقال: تلوتُ القُرآنَ تِلاوَةً إذا قَرأتَهُ، وجاءت القراءةُ بمعنى الاتباع، ومنه قوله تعالى: (الذين آتيناهم الكتابَ يتلونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أولئكَ يؤمنون به ومن يكفر به فأولئكَ هم الخاسرون) البقرة:121، أي: يتَّبعونَهُ حَقَّ اتباعِهِ، ويعملونَ به حَقَّ عَمَلِهِ، وفي حديث عذاب القبر: (إن المنافق إذا وضع في قبره سُئلَ عن محمد صلى الله عليه وسلم، وما جاء به، فيقول: لا أدري، فيُقال: لا دَرَيْتَ ولا تَلَيتَ ولا اهتَدَيتَ)، قيل في (ولاتليتَ) بالياء موافقة لـ(دريتَ) ليتناسب الكلام، وإلا هي (ولا تَلَوتَ)، من تلا يتلو، بمعنى: لا قرأتَ ولا درسْتَ.([4])

ب- في الاصطلاح:التلاوةُ هي قراءةُ القرآن الكريم وِفْقَ قواعدَ وُضعت لكيفية تلاوته وترتيله وتسمى (أحكام التجويد)

مراتب التلاوة:

وقد قسم علماء التجويد تلاوة القرآن إلى ثلاثِ مراتبَ هي: 1- الترتيلُ 2- الحَدْرُ 3- التدويرُ.

المرتبة الأولى - الترتيل وهو في اصطلاح القراء عبارةٌ عن قراءة القرآن على مكث وتفهم من غير عجلة، وهو أفضل مراتب التلاوة، لأن القرآن نزل به، كما قال تعالى: (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ) الإسراء: 106، وقال تعالى: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) المزمل: 4، وقد فسر الإمام عليٌّ كرم الله وجهه الترتيلَ: بأنه تجويد الحروف ومعرفة الوقوف، ومعنى تجويد الحروف إخراجها من مخارجها، وإعطاؤها صفاتها من التفخيم والترقيق وغيرها من الأحكام.

المرتبة الثانية - الحدر، وهو إدراجُ القراءة وسرعتُها مع المحافظة على أحكام التجويد، ويجب الحذر من بتر الحروف وذهاب الغنة والمد وغيرهما من الأحكام.

المرتبة الثالثة - التدويرُ، وهو حالة متوسطة بين الترتيل والحدر. ويحق لقارئ القرآن الكريم أن يختار من هذه المراتب الثلاثة ما يناسب حاله أو يوافق طبعه ويخف على لسانه، ولا تجوز تلاوة القرآن ببتر الحروف والإخلال بمخارجها وترك أحكام التجويد الأخرى.

وعلى ما تقدم فإن سجود التلاوة: هو السجود الذي يؤديه قارئُ القرآن ومستمعُ القراءة بعد تلاوة آية من آيات السجود.

مشروعية سجود التلاوة:

شرع اللهُ تعالى لعباده سجوداً عند تلاوة الآيات التي تشتمل على السجدة لكمال الخشوع وإظهار الافتقارلله عز وجل، والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وإبكاء الشيطان عدو الله وغير ذلك من المصالح والفوائد. ومما يدل على مشروعيته قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا).

وهكذا فإن سجود التلاوة ثتبت في السنة النبوية المطهرة، فقد جاء عن الصحابي الجليل عبدالله بنِ مسعودٍ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قرأ: (وَالنَّجْمِ) فسجد فيها، وسجدَ مَن كانَ معه([5])، وعن أبي رافعٍ قال: صلَّيتُ مع أبي هريرةَ العَتَمة فقرأَ: (إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) فسجد فيها، فقلتُ: ما هذه؟ فقال: سجدتُ بها خلف أبي القاسِمِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فما أزالُ أسجدُ فيها حتَّى ألقاه([6])، وما رواه عبدالله بن عمررضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يقرأ القرآن فيقرأ سورة فيها سجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد بعضنا موضعا لمكان جبهته)([7]).

وقد ذهب جمهورُ العلماءِ إلى مشروعيَّة سجود التلاوة في الصلاة السِّريَّة والجهريَّة، سواء أكانت الصلاة فريضةً أم نافلة، وهذا هو الراجح، إلا أنه في صلاة الجماعة السِرِّيَّة يُخشَى مِن حدوث بلبلة للمأمومين، بسبب هذا السجود المُفاجئ للإمام، إلا إذا نَبَّهَ الإمام على المأمومين قبل الصلاة أنَّ هناك سجدة تلاوة أثناء الصلاة([8]).

فضائل سجود التلاوة:

سجود التِّلاوة عبادة لله تعالى تابعة لقراءة القرآن الكريم، وفضلها كبير وثوابها جزيل، ويكفي أن سجود التلاة يغيض الشيطان فقد قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: (إذا قَرأ ابنُ آدمَ السَّجدةَ فسجد،اعتزلَ الشَّيطانُ يبكي، يقولُ: يا وَيْلَهُ، أُمِرَ بالسُّجودِ فسجَدَ؛ فله الجنَّةُ، وأُمِرْتُ بالسُّجود فعصيْتُ؛ فلِيَ النَّار)([9]).

حكم سجود التلاوة:

للفقهاء أكثر من رأي في تحديد درجة حكم سجود التلاوة على النحو الأتي:

فذهب الحنفية إلى أن سجود التلاوة أو بدله كالإيماء واجبٌ؛ للحديث المتقدم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا قرأ ابنُ آدمَ السَّجدةَ فسجدَ اعتزلَ الشَّيطانُ يبكي يقولُ يا ويلَه أُمرَ ابنُ آدمَ بالسُّجودِ فسجدَ فلَه الجنَّةُ وأمرتُ بالسُّجودِ فأبيتُ فليَ النَّارُ)، واختلف فقهاء المالكية في حكم سجود التلاوة؛ فذهب ابن عطاء الله وابن الفاكهاني إلى أن سجود التلاوة سنة في حق المكلّف، وهو قول أكثر المالكية، وذهب الباجي، وابن الكاتب، وابن الحاجب إلى أن سجود التلاوة فضيلةٌ في حق المكلف، واتفقوا على أن سجود التلاوة مندوبٌ في حق الصبي، أمَّا سجود التلاوة في الصلاة فهو مطلوبٌ عند جميع المالكية. وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن سجود التلاوة سنةٌ مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس بواجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تركه، وقد قُرئ على النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم فلم يسجد.

آراء الفقهاء في عدد سجدات التلاوة:

في القرآن الكريم خمس عشرة سجدة في أربع عشرة سورة من حيث العموم، وهي كما يأتي:

ت

اسم السورة

رقم السورة

رقم الآية

1

سورة الأعراف

7

206

2

سورة الرعد

13

15

3

سورة النحل

16

49

4

سورة الإسراء

17

107

5

سورة مريم

19

58

6

سورة الحج

22

18

7

سورة الحج

22

77

8

سورة الفرقان

25

60

9

سورة النمل

27

26

10

سورة السجدة

32

15

11

سورة ص

38

24

12

سورة فصلت

47

37

13

سورة النجم

53

62

14

سورة الانشقاق

84

21

15

سورة العلق

96

16

وللفقهاء مذاهبُ في مواضع وعدد آيات السجدات التي يُسجدُ عندها على النحو الأتي:

ذهب الحنفية إلى أن عدد السجدات في القرآن الكريم أربع عشرة سجدة، ومواضعها من القرآن في السور الآتية: آخر سورة الأعراف، والرعد، والنحل، والإسراء، ومريم، والموضع الأول في سورة الحج، والفرقان، والنمل، وسورة السجدة، وسورة ص، وفصّلت، والنجم، والانشقاق، والعلق، ولم يقرُّوا بأن الموضع الثاني من سورة الحج سجدة.

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن عدد السجدات أربع عشرة سجدة أيضا، إلا أنهم ذهبوا إلى احتساب السجود في سورة الحج بالموضعين، ولم يروا السجود في سورة ص عند الآية رقم (24) لأنها إخبار عن سجود نبي الله داود عليه السلام، وليس فيها أمرٌ بالسجود.

أما المالكية فإن عدد السجدات عندهم إحدى عشرة سجدة، ومواضعها من القرآن الكريم في السور الآتية: آخر سورة الأعراف، والرعد، والنحل، والإسراء، ومريم، والموضع الأول في سورة الحج، والفرقان، والنمل، وسورة السجدة، وسورة ص، وفصّلت. وعلى هذا فإن المالكية لا يرون السجود في الموضع الثاني من سورة الحج ولا في سورة النجم ولا في سورة الانشقاق ولا في سورة العلق.

الحقائق العددية في أول وآخر سجدة في القرآن الكريم

أول سجدة للتلاوة تصادف قارئ القرآن الكريم في الآية ذات الرقم (206) آخر آية في سورة الأعراف، وآخر سجدة للتلاوة في القرآن الكريم في الآية ذات الرقم (19) آخر آية في سورة العلق، ومما اكتشفه الباحث أن مجموع الرقمين في هاتين السورتين يكون الرقم (225) مئتين وخمسة وعشرين، وهذا عدد لو قسم على عدد سجدات التلاوة الخمس عشرة سجدة لكان الناتج (15) خمسة عشر هكذا: (206 + 19 = 225 ÷ 15 = 15) مما يشير إلى أن الأرجح أن عدد سجدات التلاوة في القرآن الكريم (15) خمس عشرة سجدة، ووقعت آيات السجدة في آخر ثلاث سور هي: الأعراف، والنجم، والعلق، وباقي السجدات تأتي في وسط السور.

شروط سجود التلاوة وأركانه ومستحباته:

يشترط لصحة سجود التلاوة ما يشترط لصحة سجود الصلاة، وكذلك الأركان، والمستحبات، فتُشترطُ الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر، وطهارة الجسم والثوب والمكان من النجاسات، واستقبال القبلة، ومن الأركان نية سجود التلاوة سواء أكان إماما أو مأموما أو منفردا، والنية بحق الإمام واجبة وبحق المأموم مستحبة، وكشف الوجه عند السجود، والسجود على سبعة أعضاء هي: الجبهة، واليدان، والركبتان، والقدمان، وذهب الشافعية إلى أن أركان سجود التلاوة في غير الصلاة أربعة، وهي: النية، وتكبيرة الإحرام، والسجود، والسلام، ومن المستحبات إبعاد المِرفَقَين عن الجنبين، وإبعاد البطن عن الفخذين، وتوجيه أصابع اليدين والقدمين إلى القبلة.

كيفية سجود التلاوة:

اتّفق الفقهاء على أن سجود التلاوة يُجزئ بسجدةٍ واحدة، وذهب جمهور العلماء إلى أن سجود التلاوة يكون بين تكبيرتين، التكبيرة الأولى عندما يهوي الساجد للسجود في الأرض والتكبيرة الثانية عندما يرفع رأسه من السجود، وللفقهاء آراء في طريقة أداء سجدة التلاوة على النحو الآتي:

ذهب الحنفية إلى أن هاتين التكبيرتين من المستحبات، فلو سجد من دون التكبيرتين صحت سجدته، وأن القارئ إذا أراد سجود التلاوة وقف وكبَّر من غير أن يرفع يديه ثم ينزل إلى السجود.

وذهب المالكية إلى أن سجود التلاوة يُشبه سجود الصلاة؛ لذلك يُشترط لها ما يُشترط للصلاة، فيؤدّى سجود التلاوة من غير تكبيرة الإحرام، فإذا أراد سجود التلاوة قام ونوى أداء هذه السنة، ثم يرفع يديه مكبّراً، ثم يسجد، ولا يُسلّم بعد رفعه من السجود، ولا يأتي بسجود التلاوة وهو جالس.

وذهب الشافعية إلى أن سجود التلاوة إمَّا أن يكون في الصلاة أو في غير الصلاة، فإذا كان في الصلاة وقرأ آية السجدة سجد ثم رفع قائما فإما أن يركع مباشرة بعد وقوفه وإما يقرأ شيئا من القرآن ثم يسجد سواء أكان إماما أو مأموما أو منفردا، ويحق له أن ينوي بقلبه سجود التلاوة مع ركوع الصلاة أو مع سجودها، ولا يتلفظ بها، وليس فيها جلسة استراحة.

وذهب بعض الشافعية إلى أن سجود التلاوة لا يحتاج إلى نية، ولا يُكبّر تكبيرة الإحرام، ولكن يكبّر عند السجود من غير أن يرفع يديه؛ لأن اليدين لا تُرفع عند النزول إلى السجود في الصلاة، ثم يسجد، ثم يرفع رأسه من السجود مكبّراً، ولا يجلس للاستراحة، وإنما يقوم مباشرة إذا رفع من السجود، ويُستحبّ له أن يقرأ شيئاً بعد قيامه من السجود وانتصابه قائماً، فإن انتصب قائماً ثم ركع من غير أن يقرأ شيئاً جاز إذا كان قد قرأ الفاتحة قبل سجود التلاوة.

أما سجود التلاوة في غير الصلاة فإن من أراد السجود للتلاوة في غير الصلاة فإنه ينوي سجود التلاوة، ويُستحب له التلفظ بالنية، ثم يُكبّر تكبيرة الإحرام رافعاً يديه حذو منكبيه، كما يفعل في تكبيرة الإحرام عند دخوله في الصلاة، ثم يُكبّر للسجود من غير أن يرفع يديه، ثم يسجد سجدةً واحدةً كسجدة الصلاة، ثم يرفع رأسه مكبّراً، ثم يجلس، ويُسلّم كتسليم الصلاة من غير تشهّد.

وذهب الحنابلة إلى أنه من أراد السجود للتلاوة فإنه يُكبّر للسجود من غير تكبيرة الإحرام، حتى لو كان سجود التلاوة خارج الصلاة؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرأُ علينا القرآنَ فإذا مرَّ بالسَّجدةِ كبَّر وسجد وسجدنا معه) ثم يسجد، ثم يرفع رأسه من السجود مكبّراً، ثم يجلس إذا كان السجود في غير الصلاة، ثم يُسلّم تسليمةً واحدةً عن يمينه، أمَّا إذا كان سجوده في الصلاة فإنه يقوم مباشرةً، ولا يجلس بعد الرفع من السجود.

ما يُستحب أن يقال في سجود التلاوة:

يستحب أن يسبح الله تعالى بتسبيحات سجود الصلاة (سبحان ربي الأعلى وحمده) ثلاث مرات، ومن السنة الثناء على الله تعالى، فقد جاء عن عائشةَ أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كانَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقولُ في سجودِ القُرآنِ: (سجدَ وجهي للَّذي خلقَه، وشقَّ سمعَه وبصرَه بحولِهِ وقوَّتِه، فتبارَكَ اللهُ أحسنُ الخالِقين)([10]).

ويستحب أن يقول في سجوده: (سجد وجهيَ للذي خلقه وصوره وشَقَّ سمعه وبصره وأحسن خلقه بحوله وقوته).

ويستحب أن يدعوَ بهذا الدعاء الذي رواه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجلٌ فقال: إنِّي رأيتُ البارحةَ فيما يرى النائم كأني أُصلي إلى أصل شجرة، فقرأتُ السجدةَ، فسجدتُ، فسجدتْ الشجرةُ سجودي، فسمعتها تقول: (اللهم احْطُطْ عنّي بها وِزْرا، واكتُبْ لي بها أجرا، واجعلها لي عندكَ ذُخرا)، قال ابن عباس: فرأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم قرأ السجدة، فسجدَ، فسمعتُه يقول في سجوده مثلَ الذي أخبرهُ الرجلُ عن قول الشجرة، رواه الترمذي وابن ماجة وغيرهما([11]).

قال الإمام النووي: (ويستحب أن يقول في سجوده: سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته. وأن يقول: اللهم اكتب لي بها عندك أجرا واجعلها لي عندك ذخرا، وضع عني بها وزرا، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود عليه السلام. ولو قال ما يقول في سجود صلاته جاز، ثم يرفع رأسه مكبرا كما يرفع من سجود الصلاة)([12]).

مسائل متفرقة في سجود التلاوة:

1- يقوم مقام سجود التلاوة على الأرض الإيماء بالسجود للمريض الذي يعجز عن السجود وللراكب الذي لا يستطيع السجود على الأرض سواء أكان المركوب سيارة أم دابة.

2- وإذا قرأ المصلي آية السجدة في صلاته فيسجد ثم يعود، ويجوز له أن ينوي بقلبه سجود التلاوة مع الركوع، أو سجود الصلاة.

3- إذا قرأ الإمام آية السجدة ولم يسجد لا يحق للمأموم أن يفارق الإمام ليسجد لأنه لا تجوز مخالفة الإمام.

هوامش البحث ومصادره:



([1]) لسان العرب لابن منظور، والقاموس المحيط للفيروز أبادي مادة ( سجد).

([2]) الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر دار الصفوة، صفحة 212-224، جزء 24. بتصرّف.

([3]) رواه البخاري في كتاب صفة الصلاة، باب السجود على الأنف، ومسلم في كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر والثوب وعقص الرأس في الصلاة، ورراه البخاري في كتاب صفة الصلاة، باب السجود على سبعة أعظُم .

([4]) لسان العرب لابن منظور: مادة (تلا)

([5]) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لأبي بكر الكاساني (الطبعة الثانية)، بيروت دار الكتب العلمية، 1/193، منح الجليل شرح مختصر خليل لمحمد بن عليش، بيروت: دار الفكر، 1/ 332، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج لمحمد الشربيني (الطبعة الأولى)، بيروت دار الكتب العلمية، 1/442، الروض المربع شرح زاد المستقنع لمنصور البهوتي، بيروت دار المؤيد - مؤسسة الرسالة، ص 120.

([6]) البخاري: (1067)، و(1070)، ومسلم: (576)، وأبو داود: (1406)، والنسائي: (2/110).

([7]) البخاري: (766)، و(1074)، و(1078)، ومسلم: (578)، وأبو داود: (1408)، والنسائي: (2/161).

([8]) نيل الأوطار: 3/121

([9]) رواه مسلم: (81)، وابن ماجه: (1052).

([10]) رواه أبو داود: (1414)، والترمذي: (580)، والنسائي: (2/222).

([11]) روضة الطالبين للإمام النووي: 1/322.

([12]) انظر فتح الباري:2/556.

Источник:  alhakk.ru

Поделится публикацией
ВКонтакт Facebook Google Plus Одноклассники Twitter Livejournal Liveinternet Mail.Ru

Возврат к списку


Материалы по теме